كيف ادخل الجنة
# محمد_أحمد_السويدي # مهاجراني
وضعته في قبضة يدي وضغطت عليه بقوة محاولة مني لتفتيته ولكن محاولتي تلك باءت بالفشل، إنه متماسك بشدة فقط رمى لي ببضع حبيبات دبقة في كفي.. حركت يدي ببطء الى أن وصلت فوق فنجان القهوة، أفلتُّ أصابعي وراقبتُ سقوط المكعب الأبيض البراق في بحر السواد المر.. بدأت القتامة تغتال نقاء النور رويداً رويداً حتى آخر رمق.. وأنا أراقب الموت البطيء ، كل ذرّة بيضاء كانت تتشرب السواد حتى الأعماق.. حتى الثمالة. وحينما تمكنت القهوة من القبض على روح ذلك المكعّب الشقي.. أخذ يغرق ويغرق.. ليستقر في القاع، في الحضيض.. ابتلعه بحر الظلمات مثلما ابتلع بحر موسى فرعون الشرير. أمسكت بالملعقة الصغيرة وطعنت بها قلب الفنجان الأسود بحثاً عن ضالتي، ذلك الذي كان منذ قليل مكعب قوي صلب، حركتُ مجداف الملعقة بجميع الاتجاهات أبحث عن ذلك البديع بخوف الفقدان.. كنت أريد أن أراه يهزم عاصفة الغرق بقوة، زوبعة الفنجان بشموخ.. لم أجد شيئاً… أين أختفى؟ أين ذهبت تلك القوة و الصلابة؟ أين اختفى ذلك البياض اللامع؟ لقد ذاب وتلاشى كل ذلك الجمال و البهاء عند المحكّ واختفى مخلّفاً وراءه مذاق قهوة حلو لا يلبث أن يذهب مع مرارة الأيام. بعضنا كقطعة سكر، ذو مظهر متكامل بديع ولكن ما يلبث أن يذوب وينهزم على مذبح الأيام و السنين ولا يتبقى منا إلا حقيقة قلوبنا القاتمة.
تصفّح المقالات
قصة لـ: سلام محسن قطمة
دونكَ أنت.. أنا أغني.. آآآآه.. آآآآآآه.. آآآآآآآآه رباه.. هوَ يكملُ الغناء.. وآآآه.. وآآآ.. وآآآآآه صوتُ نشازٍ في العزف.. " بوي.. بوي.. "... (2) أسيرُ بقدمينِ مغمضتين، لا أحد في هذا المشفى يكمش ذوقه البغيض عني، لا ينثني أحد هنا عن الركض ورائي، يسألني عن حادثة إختفاء الزوجة التي كان الجميع يحسدني عليها، يستفسر ما إذا كان لديها عشيقٌ ظاهرٌ أو خفيٌ. النساءُ هنا أكثر سروراً، فرضية الحصولِ على زوجٍ والهربِ من ضفة العنوسة ترتفع. الرجال الفضوليون لا يكفون عن طرح أسئلةٍ تتعلق بظروفكِ الأخيرة، الجميعُ هنا لاحظوا تغيركِ بعد عشر سنواتٍ من الحب. لا توجد زوجة تستفرغ من رائحة زوجها، إلا في الحمل. هكذا نفى الدكتور أمجد إيجابية ذلك. الدكتور أمجد هو نفسه من كان يلف حولكِ في كلية الطب آنذاك. حتى بعد زواجنا لم يتوقف عن إرسال رسائل حبٍ بأسماءٍ وهمية. كيف كان لكِ تصديقه؟ فرنسا، حيثُ اتبعتكِ كقطٍ مشرّد.. سألتُ فيها كلّ مشفى، كلّ زقاق، كلّ حيّ عهدتكِ فيه، هنا الجميعُ يغني "الحب ليس رواية شرقية.. بختامها يتزوج الأبطال.. لكنه الإبحار دون سفينة.. وشعورنا أن الوصول محال". أمضيتُ هنا عامين، ربما خمسة، أو عشرة، أنا لا أحسن العدّ والتعداد، أنا سُلّمٌ من درجةٍ واحدة، أغوص في كتب الطب دون أن أجد لؤلؤة تشفي علّتي.